Bacaan Maulid Al-Barzanji Bab IX-Doa

Bab IX: arba‘a sinîn
وَلَمَّا بَلَغَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَرْبَعَ سِنِيْنَ خَرَجَتْ بِهِ أُمُّهُ إِلَى الْمَدِيْنَةِ
النَّبَوِيَّةِ. ثُمَّ عَادَتْ فَوَافَتْهَا بِالْأَبْوَاءِ أَوْ بِشِعْبِ
الْحَجُوْنِ الْوَفَاة. وَحَمَلَتْهُ حَاضِنَتُهُ أُمُّ أَيْمَنَ الْحَبَشِيَّةُ
الَّتِيْ زَوَّجَهَا بَعْدُ مِنْ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ مَوْلَاهُ. وَأَدْخَلَتْهُ
عَلَى جَدِّهِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَضَمَّهُ إِلَيْهِ وَرَقَّ لَهُ وَأَعْلَى
رُقِيَّهُ. وَقَالَ: إِنَّ لاِبْنِيْ هٰذَا لَشَأْنًا عَظِيْمًا فَبَخٍ بَخٍ
لِمَنْ وَقَّرَهُ وَوَالَاهُ. وَلَمْ تَشْكُ فِيْ صِبَاهُ جُوْعًا وَلَا عَطَشًا
قَطُّ نَفْسُهُ الْأَبِيَّةُ. وَكَثِيْرًا مَا غَدَا فَاغْتَذَى بِمَاءِ زَمْزَمَ
فَأَشْبَعَهُ وَأَرْوَاهُ. وَلَمَّا أُنِيْخَتْ بِفِنَاءِ جَدِّهِ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ مَطَايَا الْمَنِيَّة. كَفَلَهُ عَمُّهُ أَبُوْ طَالِبٍ شَقِيْقُ
أَبِيْهِ عَبْدِ الله. فَقَامَ بِكَفَالَتِهِ بِعَزْمٍ قَوِيٍّ وَهِمَّةٍ
وَحَمِيَّةٍ. وَقَدَّمَهُ عَلَى النَّفْسِ وَالْبَنِيْنَ وَرَبَّاهُ. وَلَمَّا
بَلَغَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِثْنَى عَشَرَ سَنَةً رَحَلَ بِهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَمُّهُ إِلَى الْبِلَادِ الشَّامِيَّةِ. وَعَرَفَهُ
الرَّاهِبُ بَحِيْرَا بِمَا حَازَهُ مِنْ وَصْفِ النُّبُوَّةِ وَحَوَاهُ. وَقَالَ:
إِنِّيْ أَرَاهُ سَيِّدَ الْعَالَمِيْنَ وَرَسُوْلَ اللهِ وَنَبِيَّهُ. قَدْ
سَجَدَ لَهُ الشَّجَرُ وَالْحَجَرُ وَلَا يَسْجُدَانِ إِلَّا لِنَبِيٍّ أَوَّاهُ.
وَإِنَّا لَنَجِدُ نَعْتَهُ فِي الْكُتُبِ الْقَدِيْمَةِ السَّمَاوِيَّةِ.
وَبَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ قَدْ عَمَّهُ النُّوْرُ وَعَلَاهُ.
وَأَمَرَ عَمَّهُ بِرَدِّهِ إِلَى مَكَّةَ تَخَوُّفًا عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ دِيْنِ
الْيَهُوْدِيَّةِ. فَرَجَعَ بِهِ وَلَمْ يُجَاوِزْ مِنَ الشَّامِ الْمُقَدَّسِ
بُصْرَاهُ.
﴿عَطِّرِ اللّٰهُمَّ قَبْرَهُ
الْكَرِيْمَ، بِعَرْفٍ شَذِيٍّ مِنْ صَلَاةٍ وَتَسْلِيْمٍ﴾
Bab X: khamsan wa ‘isyrîn
وَلَمَّا بَلَغَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ خَمْسًا وَعِشْرِيْنَ سَنَةً سَافَرَ إِلَى بُصْرَى فِيْ تِجَارَةٍ
لِخَدِيْجَةَ الْفَتِيَّةِ. وَمَعَهُ غُلَامُهَا مَيْسَرَةُ يَخْدِمُهُ عَلَيْهِ
الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَيَقُوْمُ بِمَا عَنَاهُ. وَنَزَلَ تَحْتَ شَجَرَةٍ
لَدَى صَوْمَعَةِ نَسْطُوْرَا رَاهِبِ النَّصْرَانِيَّةِ. فَعَرَفَهُ الرَّاهِبُ
إِذْ مَالَ إِلَيْهِ ظِلُّهَا الْوَارِفُ وَأَوَاهُ. وَقَالَ: مَا نَزَلَ تَحْتَ
هٰذِهِ الشَّجَرَةِ قَطُّ إِلَّا نَبِيٌّ ذُوْ صِفَاتٍ نَقِيَّةٍ. وَرَسُوْلٌ قَدْ
خَصَّهُ اللهُ تَعَالَى بِالْفَضَائِلِ وَحَبَاهُ. ثُمَّ قَالَ لِمَيْسَرَةَ:
أَفِيْ عَيْنَيْهِ حُمْرَةٌ ࣙاسْتِظْهَارًا لِلْعَلَامَةِ
الْخَفِيَّةِ؟ فَأَجَابَهُ بِنَعَمْ فَحَقَّ لَدَيْهِ مَا ظَنَّهُ فِيْهِ وَتَوَخَّاهُ.
وَقَالَ لِمَيْسَرَةَ: لَا تُفَارِقْهُ وَكُنْ مَعَهُ بِصِدْقِ عَزْمٍ وَحُسْنِ طَوِيَّةٍ،
فَإِنَّهُ مِمَّنْ أَكْرَمَهُ اللهُ تَعَالَى بِالنُّبُوَّةِ وَاجْتَبَاهُ. ثُمَّ عَادَ
إِلَى مَكَّةَ فَرَأَتْهُ خَدِيْجَةُ مُقْبِلاً وَهِيَ بَيْنَ نِسْوَةٍ فِيْ عِلِّيَّةٍ.
وَمَلَكَانِ عَلَى رَأْسِهِ الشَّرِيْفِ مِنْ وَهَجِ الشَّمْسِ قَدْ أَظَلَّاهُ.
وَأَخْبَرَهَا مَيْسَرَةُ بِأَنَّهُ رَأَى ذٰلِكَ فِي السَّفَرِ كُلِّهِ وَبِمَا
قَالَ لَهُ الرَّاهِبُ وَأَوْدَعَهُ لَدَيْهِ مِنَ الْوَصِيَّةِ. وَضَاعَفَ اللهُ
فِيْ تِلْكَ التِّجَارَةِ رِبْحَهَا وَنَمَّاهُ. فَبَانَ لِخَدِيْجَةَ بِمَا
رَأَتْ وَمَا سَمِعَتْ أَنَّهُ رَسُوْلُ اللهِ تَعَالَى إِلَى الْبَرِيَّةِ،
الَّذِيْ خَصَّهُ اللهُ تَعَالَى بِقُرْبِهِ وَاصْطَفَاه. فَخَطَبَتْهُ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهَا الزَّكِيَّةِ. لِتَشُمَّ مِنَ الْإِيْمَانِ
بِهِ طِيْبَ رَيَّاهُ. فَأَخْبَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْمَامَهُ
بِمَا دَعَتْهُ إِلَيْهِ هٰذِهِ الْبَرَّةُ التَّقِيَّةُ. فَرَغِبُوْا فِيْهَا
لِفَضْلٍ وَدِيْنٍ وَجَمَالٍ وَمَالٍ وَحَسَبٍ وَنَسَبٍ كُلٌّ مِنَ الْقَوْمِ
يَهْوَاهُ. وَخَطَبَ أَبُوْ طَالِبٍ وَأَثْنَى عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بَعْدَ أَنْ حَمِدَ اللهُ بِمَحَامِدَ سَنِيَّةٍ. وَقَالَ: هُوَ وَاللهِ
بَعْدُ لَهُ نَبَأٌ عَظِيْمٌ يُحْمَدُ فِيْهِ مَسْرَاهُ. فَزَوَّجَهَا مِنْهُ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبُوْهَا وَقِيْلَ عَمُّهَا وَقِيْلَ أَخُوْهَا
لِسَابِقِ سَعَادَتِهَا الْأَزَلِيَّةِ. وَأَوْلَدَهَا كُلَّ أَوْلَادِهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الَّذِيْ بِاسْمِ الْخَلِيْلِ سَمَّاهُ.
﴿عَطِّرِ اللّٰهُمَّ قَبْرَهُ
الْكَرِيْمَ، بِعَرْفٍ شَذِيٍّ مِنْ صَلَاةٍ وَتَسْلِيْمٍ﴾
Bab XI: khamsan wa tsalâtsîn
وَلَمَّا بَلَغَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ خَمْسًا وَثَلَاثِيْنَ سَنَةً بَنَتْ قُرَيْشٌ ࣙالْكَعْبَةَ لاِنْصِدَاعِهَا بِالسُّيُوْلِ الْأَطْبَحِيَّةِ. وَتَنَازَعُوْا
فِيْ رَفْعِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَكُلٌّ أَرَادَ رَفْعَهُ وَرَجَاهُ. وَعَظُمَ الْقِيْلُ
وَالْقَالُ وَتَحَالَفُوْا عَلَى الْقِتَالِ وَقَوِيَتِ الْعَصَبِيَّةُ. ثُمَّ تَدَاعَوْا
إِلَى الْإِنْصَافِ وَفَوَّضُوْا الْأَمْرَ إِلَى ذِيْ رَأْيٍ صَائِبٍ وَأَنَاهُ. فَحَكَمَ
بِتَحْكِيْمِ أَوَّلِ دَاخِلٍ مِنْ بَابِ السَّدَنَةِ الشَّيْبِيَّةِ. فَكَانَ النَّبِيُّ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوَّلَ دَاخِلٍ فَقَالُوْا: هٰذَا الْأَمِيْنُ
وَكُلُّنَا نَقْبَلُهُ وَنَرْضَاهُ. فَأَخْبَرُوْهُ بِأَنَّهُمْ رَضُوْهُ أَنْ
يَكُوْنَ صَاحِبَ الْحُكْمِ فِيْ هٰذَا الْمُلِمِّ وَوَلِيَّهُ. فَوَضَعَ
الْحَجَرَ فِيْ ثَوْبٍ ثُمَّ أَمَرَ أَنْ تَرْفَعَهُ الْقَبَائِلُ جَمِيْعًا إِلَى
مُرْتَقَاهُ. فَرَفَعُوْهُ إِلَى مَقَرِّهِ مِنْ رُكْنٍ هَاتِيْكَ الْبَنِيَّةِ.
وَوَضَعَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ الشَّرِيْفَةِ فِيْ
مَوْضِعِهِ الْأٰنَ وَبَنَاهُ.
﴿عَطِّرِ اللّٰهُمَّ قَبْرَهُ
الْكَرِيْمَ، بِعَرْفٍ شَذِيٍّ مِنْ صَلَاةٍ وَتَسْلِيْمٍ﴾
Bab XII: arba‘ûna sanah
وَلَمَّا كَمُلَ لَهُ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعُوْنَ سَنَةً عَلَى أَوْفَقِ الْأَقْوَالِ لِذَوِي
الْعَالِمِيَّةِ، بَعَثَهُ اللهُ تَعَالَى لِلْعَالَمِيْنَ بَشِيْرًا وَنَذِيْرًا
فَعَمَّهُمْ بِرُحْمَاهُ. وَبُدِئَ إِلَى تَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِالرُّؤْيَا
الصَّادِقَةِ الْجَلِيَّةِ. فَكَانَ لَا يَرَى رُؤْيَا إِلَّا جَائَتْ مِثْلَ
فَلَقِ صُبْحٍ أَضَاءَ سَنَاهُ. وَإِنَّمَا ابْتُدِئَ بِالرُّؤْيَا تَمْرِيْنًا
لِلْقُوَّةِ الْبَشَرِيَّةِ. لِئَلَّا يَفْجَأَهُ الْمَلَكُ بِصَرِيْحِ
النُّبُوَّةِ فَلَا تَقْوَاهُ قُوَاهُ. وَحُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلَاءُ فَكَانَ
يَتَعَبَّدُ بِحِرَاءَ اللَّيَـــالِيَ الْعَدَدِيَّةَ. إِلَى أَنْ أَتَاهُ فِيْهِ
صَرِيْحُ الْحَقِّ وَوَافَاهُ. وَذٰلِكَ فِيْ يَوْمِ الْإِثْنَيْنِ لِسَبْعَ
عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ اللَّيْلَةِ الْقَدْرِيَّةِ. وَثَمَّ
أَقْوَالٌ لِسَبْعٍ أَوْ ِلأَرْبَعٍ وَعِشْرِيْنَ مِنْهُ أَوْ لِثَمَانٍ مِنْ
شَهْرِ مَوْلِدِهِ الَّذِيْ بَدَا فِيْهِ بَدْرُ مُحَيَّاهُ. فَقَالَ لَهُ:
اقْرَأْ، فَقَالَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَغَطَّهُ غَطَّةً قَوِيَّةً. ثُمَّ قَالَ
لَهُ: اقْرَأْ، فَقَالَ: مَا أَنَا بِقَارِئٍ، فَغَطَّهُ ثَانِيَةً حَتَّى بَلَغَ
مِنْهُ الْجَهْدَ وَغَطَّاهُ. ثُمَّ قَالَ لَهُ: اقْرَأْ، فَقَالَ: مَا أَنَا
بِقَارِئٍ، فَغَطَّهُ ثَالِثَةً لِيَتَوَجَّهَ إِلَى مَا سَيُلْقَى إِلَيْهِ
بِجَمْعِيَّةٍ. وَيُقَابِلَهُ بِجِدٍّ وَاجْتِهَادٍ وَيَتَلَقَّاهُ. ثُمَّ فَتَرَ
الْوَحْيُ ثَلَاثَ سِنِيْنَ أَوْ ثَلَاثِيْنَ شَهْرًا لِيَشْتَاقَ إِلَى
انْتِشَاقِ هَاتِيْكَ النَّفَحَاتِ الشَّذِيَّةِ. ثُمَّ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ:
﴿يَاأَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ﴾ فَجَاءَهُ جِبْرِيْلُ بِهَا وَنَادَاهُ. فَكَانَ
لِنُبُوَّتِهِ فِيْ تَقَدُّمِ ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ شَاهِدٌ عَلَى أَنَّ
لَهَا السَّابِقِيَّةَ وَالتَّقَدُّمَ عَلَى رِسَالَتِهِ بِالْبِشَارَةِ
وَالنِّذَارَةِ لِمَنْ دَعَاهُ.
﴿عَطِّرِ اللّٰهُمَّ قَبْرَهُ
الْكَرِيْمَ، بِعَرْفٍ شَذِيٍّ مِنْ صَلَاةٍ وَتَسْلِيْمٍ﴾
Bab XIII: Awwalu man
وَأَوَّلُ مَنْ اٰمَنَ بِهِ مِنَ
الرِّجَالِ أَبُوْ بَكْرٍ صَاحِبُ الْغَارِ وَالصِّدِّيْقِيَّةِ. وَمِنَ
الصِّبْيَانِ عَلِيٌّ وَمِنَ النِّسَاءِ خَدِيْجَةُ الَّتِيْ ثَبَّتَ اللهُ بِهَا
قَلْبَهُ وَوَقَاهُ. وَمِنَ الْمَوَالِيْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ وَمِنَ الْأَرِقَّاءِ
بِلَالٌ ࣙالَّذِيْ عَذَّبَهُ فِي اللهِ أُمَيَّة.
وَأَوْلَاهُ مَوْلَاهُ أَبُوْ بَكْرٍ مِنَ الْعِتْقِ مَا أَوْلَاهُ. ثُمَّ أَسْلَمَ
عُثْمَانُ وَسَعْدٌ وَسَعِيْدٌ وَطَلْحَةُ وَابْنُ عَوْفٍ وَابْنُ عَمَّتِهِ صَفِيَّةَ،
وَغَيْرُهُمْ مِمَّنْ أَنْهَلَهُ الصِّدِّيْقُ رَحِيْقَ التَّصْدِيْقِ وَسَقَاهُ.
وَمَا زَالَتْ عِبَادَتُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ
مَخْفِيَّةً حَتَّى أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ﴾ فَجَهَرَ
بِدُعَاءِ الْخَلْقِ إِلَى اللهِ. وَلَمْ يَبْعُدْ مِنْهُ قَوْمُهُ حَتَّى عَابَ
أَلِهَتَهُمْ وَأَمَرَ بِرَفْضِ مَا سِوَى الْوَحْدَانِيَّةِ، فَتَجَرَّؤُوْا
عَلَى مُبَارَزَتِهِ بِالْعَدَاوَةِ وَأَذَاهُ. وَاشْتَدَّ عَلَى الْمُسْلِمِيْنَ
الْبَلَاءُ فَهَاجَرُوْا فِيْ سَنَةِ خَمْسٍ إِلَى النَّاحِيَةِ النَّجَاشِيَّةِ،
وَحَدَبَ عَلَيْهِ عَمُّهُ أَبُوْ طَالِبٍ فَهَابَهُ كُلٌّ مِنَ الْقَوْمِ
وَتَحَامَاهُ. وَفُرِضَ عَلَيْهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قِيَامُ بَعْضٍ
مِنَ السَّاعَاتِ اللَّيْلِيَّةِ، ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى ﴿فَاقْرَؤُوْا
مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيْمُوا الصَّلَاةَ﴾. وَفُرِضَ عَلَيْهِ رَكْعَتَانِ
بِالْغَدَاةِ وَرَكْعَتَانِ بِالْعَشِيَّة. ثُمَّ نُسِخَ بِإِيْجَابِ الصَّلَوَاتِ
الْخَمْسِ فِيْ لَيْلَةِ مَسْرَاهُ. وَمَاتَ أَبُوْ طَالِبٍ فِيْ نِصْفِ شَوَّالٍ
مِنْ عَاشِرِ الْبِعْثَةِ وَعَظُمَتْ بِمَوْتِهِ الرَّزِيَّةُ، وَتَلَتْهُ
خَدِيْجَةُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَشَدَّ الْبَلَاءُ عَلَى الْمُسْلِمِيْنَ
عُرَاهُ. وَأَوْقَعَتْ قُرَيْشٌ بِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ
أَذِيَّةٍ. وَأَمَّا الطَّائِفَ يَدْعُوْ ثَقِيْفًا فَلَمْ يُحْسِنُوْا
بِالْإِجَابَةِ قِرَاهُ. وَأَغْرَوْا بِهِ السُّفَهَاءَ وَالْعَبِيْدَ فَسَبُّوْهُ
بِأَلْسِنَةٍ بَذِيَّةٍ. فَرَمَوْهُ بِالْحِجَارَةِ حَتَّى خُضِّبَتْ بِالدِّمَاءِ
نَعْلَاهُ. ثُمَّ عَادَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى مَكَّةَ حَزِيْنًا
فَسَأَلَهُ مَلَكُ الْجِبَالِ فِي إِهْلَاكِ أَهْلِهَا ذَوِي الْعَصَبِيَّةِ.
فَقَالَ: إِنِّيْ أَرْجُوْ أَنْ يُخْرِجَ اللهُ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ
يَتَوَّلَّاهُ
﴿عَطِّرِ اللّٰهُمَّ قَبْرَهُ
الْكَرِيْمَ، بِعَرْفٍ شَذِيٍّ مِنْ صَلَاةٍ وَتَسْلِيْمٍ﴾
Bab XIV: Tsumma usriya bi rûḫihi
ثُمَّ أُسْرِيَ بِرُوْحِهِ وَجَسَدِهِ
يَقَظَةً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَرِحَابِهِ
الْقُدْسِيَّةِ. وَعُرِجَ بِهِ إِلَى السَّمَوَاتِ فَرَأَى آدَمَ فِي الْأُولَى
وَقَدْ جَلَّلَهُ الْوَقَارُ وَعَلَاهُ. وَرَأَى فِي الثَّانِيَةِ عِيسَى بْنَ
مَرْيَمَ الْبَتُولِ الْبَرَّةِ التَّقِيَّة. وَابْنَ خَالَتِهِ يَحْيَى الَّذِي
أُوتِيَ الْحُكْمَ فِي حَالِ صِبَاهُ. وَرَأَى فِي الثَّالِثَةِ يُوسُفَ
الصِّدِّيقَ بِصُورَتِهِ الْجَمَالِيَّةِ. وَفِي الرَّابِعَةِ إِدْرِيسَ الَّذِي
رَفَعَ اللّٰهُ مَكَانَهُ وَأَعْلَاهُ. وَفِي الْخَامِسَةِ هَارُونَ الْمُحَبَّبَ
فِي الْأُمَّةِ الْإِسْرَائِيْلِيَّةِ. وَفِي السَّادِسَةِ مُوسَى الَّذِي
كَلَّمَهُ اللّٰهُ تَعَالَى وَنَاجَاهُ. وَفِي السَّابِعَةِ إِبْرَاهِيمَ الَّذِي
جَاءَ رَبَّهُ بِسَلَامَةِ الْقَلْبِ وَالطَّوِيَّةِ. وَحَفِظَهُ اللّٰهُ مِنْ
نَارِ النَّمْرُودِ وَعَافَاهُ. ثُمَّ رُفِعَ إِلَى سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى إِلَى
أَنْ سَمِعَ صَرِيفَ الْأَقْلَامِ بِالْأُمُورِ الْمَقْضِيَّةِ. إِلَى مَقَامِ
الْمُكَافَحَةِ الَّذِي قَرَّبَهُ اللّٰهُ فِيهِ وَأَدْنَاهُ. وَأَمَاطَ لَهُ
حُجُبَ الْأَنْوَارِ الْجَلَالِيَّةِ. وَأَرَاهُ بِعَيْنَيْ رَأْسِهِ مِنْ
حَضْرَةِ الرُّبُوبِيَّةِ مَا أَرَاهُ. وَبَسَطَ لَهُ بُسُطَ الْإِدْلَالِ فِي
الْمَجَالِي الذَّاتِيَّةِ. وَفَرَضَ عَلَيْهِ وَعَلَى أُمَّتِهِ خَمْسِينَ
صَلَاةً ثُمَّ انْهَلَّ سَحَابُ الْفَضْلِ فَرُدَّتْ إِلَى خَمْسٍ عَمَلِيَّةٍ.
وَلَهَا أَجْرُ الْخَمْسِينَ كَمَا شَاءَهُ فِي الْأَزَلِ وَقَضَاهُ. ثُمَّ عَادَ
فِي لَيْلَتِهِ فَصَدَّقَهُ الصِّدِّيقُ بِمَسْرَاهُ. وَكُلُّ ذِي عَقْلٍ
وَرَوِيَّةٍ. وَكَذَّبَتْهُ قُرَيْشٌ وَارْتَدَّ مَنْ أَضَلَّهُ الشَّيْطَانُ
وَأَغْوَاهُ.
﴿عَطِّرِ اللّٰهُمَّ قَبْرَهُ
الْكَرِيْمَ، بِعَرْفٍ شَذِيٍّ مِنْ صَلَاةٍ وَتَسْلِيْمٍ﴾
Bab XV: Tsumma ‘aradla nafsahu…
ثُمَّ عَرَضَ نَفْسَهُ عَلَى
الْقَبَائِلِ بِأَنَّهُ رَسُولُ اللّٰهِ فِي الْأَيَّامِ الْمَوْسِمِيَّةـ
فَأٰمَنَ بِهِ سِتَّةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ اخْتَصَّهُمُ اللّٰهُ تَعَالَى
بِرِضَاهُ. وَحَجَّ مِنْهُمْ فِي الْقَابِلِ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا وَبَايَعُوهُ
بَيْعَةً حَقِيَّةً. ثُمَّ انْصَرَفُوْا وَظَهَرَ الْإِسْلَامُ بِالْمَدِينَةِ
فَكَانَتْ مَعْقِلَهُ وَمَأْوَاهُ. وَقَدِمَ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثَةِ سَبْعُونَ
أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَامْرَأَتَانِ مِنَ الْقَبَائِلِ الْأَوْسِيَّةِ
وَالْخَزْرَجِيَّةِ. فَبَايَعُوهُ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ اثْنَي عَشَرَ نَقِيْبًا
جَـحَاجِـحَةً سُرَاه. وَهَاجَرَ إِلَيْهِمْ مِنْ مَكَّةَ ذَوُو الْمِلَّةِ
الْإِسْلَامِيَّة، وَفَارَقُوا الْأَوْطَانَ رَغْبَةً فِيْمَا أُعِدَّ لِمَنْ
هَجَرَ الْكُفْرَ وَنَاوَاهُ. وَخَافَتْ قُرَيْشٌ أَنْ يَلْحَقَ صَلَّى اللّٰهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ عَلَى الْفَوْرِيَّةِ، فَأْتَمَرُوا بِقَتْلِهِ
فَحَفِظَهُ اللّٰهُ تَعَالَى مِنْ كَيْدِهِمْ وَنَجَّاهُ. وَأُذِّنَ لَهُ صَلَّى
اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْهِجْرَةِ فَرَقَبَهُ الْمُشْرِكُونَ
لِيُوْرِدُوهُ بِزَعْمِهِمْ حِيَاضَ الْمَنِيَّةِ، فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ وَنَثَرَ
عَلَى رُؤُوْسِهِمُ التُّرَابَ وَحَثَاهُ. وَأَمَّ غَارَ ثَوْرٍ وَفَازَ
الصِّدِّيقُ بِالْمَعِيَّةِ، وَأَقَامَا فِيْهِ ثَلَاثًا تَحْمِي الْحَمَائِمُ
وَالْعَنَاكِبُ حِمَاهُ. ثُمَّ خَرَجَا مِنْهُ لَيْلَةَ الْإِثْنَيْنِ وَهُوَ
صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى خَيْرِ مَطِيَّةٍ. وَتَعَرَّضَ لَهُ
سُرَاقَةُ فَابْتَهَلَ فِيْهِ إِلَى اللّٰهِ تَعَالَى وَدَعَاهُ. فَسَاخَتْ
قَوَائِمُ يَعْبُوْبِهِ فِي الْأَرْضِ الصُّلْبَةِ الْقَوِيَّةِ. وَسَأَلَهُ الْأَمَانَ
فَمَنَحَهُ إِيَّاهُ.
﴿عَطِّرِ اللّٰهُمَّ قَبْرَهُ
الْكَرِيْمَ، بِعَرْفٍ شَذِيٍّ مِنْ صَلَاةٍ وَتَسْلِيْمٍ﴾
Bab XVI: Wa marra shallallâhu…
وَمَرَّ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ بِقَدِيدٍ عَلَى أُمِّ مَعْبَدٍ ࣙالْخُزَاعِيَّةِ، وَأَرَادَ بْتِيَاعَ لَحْمٍ أَوْ لَبَنٍ مِنْهَا فَلَمْ يَكُنْ
لِشَيْءٍ مِنْ ذٰلِكَ خِبَاؤُهَا قَدْ حَوَاهُ. فَنَظَرَ إِلَى شَاةٍ فِي الْبَيْتِ
قَدْ خَلَّفَهَا الْجَهْدُ عَنِ الرَّعِيَّةِ، فَاسْتَأْذَنَهَا فِي حَلْبِهَا فَأَذِنَتْ
وَقَالَتْ لَوْ كَانَ بِهَا حَلَبٌ لَأَصَبْنَاهُ. فَمَسَحَ ضَرْعَهَا مِنْهَا وَدَعَا
اللّٰهَ مَوْلَاهُ وَوَلِيَّهُ. فَدَرَّتْ فَحَلَبَ وَسَقَى كُلًّا مِنَ الْقَوْمِ
وَأَرْوَاهُ. ثُمَّ حَلَبَ وَمَلَأَ الْإِنَاءَ وَغَادَرَهُ لَدَيْهَا آيَةً
جَلِيَّةً. وَجَآءَ أَبُو مَعْبَدٍ وَرَأَى اللَّبَنَ فَذَهَبَ بِهِ الْعَجَبُ
إِلَى أَقْصَاهُ. وَقَالَ أَنَّى لَكِ هٰذَا وَلَا حَلُوبَ بِالْبَيْتِ تَبِضُّ
بِقَطْرَةٍ لَبَنِيَّةٍ. فَقَالَتْ مَرَّ بِنَا رَجُلٌ مُبَارَكٌ وَكَذَا
جُثْمَانُهُ وَمَعْنَاهُ. فَقَالَ لَهَا هٰذَا صَاحِبُ قُرَيْشٍ وَأَقْسَمَ
بِكُلِّ أَلِيَّةٍ، بِأَنَّهُ لَوْ رَآهُ لَأٰمَنَ بِهِ واتَّبَعَهُ وَدَانَاهُ.
وَقَدِمَ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِيْنَةَ يَوْمَ الْإِثْنَيْنِ
ثَانِيَ عَشَرَ رَبِيعِ الْأَوَّلِ وَأَشْرَقَتْ بِهِ أَرْجَاؤُهَا الزَّكِيَّةُ،
وَتَلَقَّاهُ الْأَنْصَارُ وَنَزَلَ بِقُبَاءَ وَأَسَّسَ مَسْجِدَهَا عَلَى
تَقْوَاهُ
﴿عَطِّرِ اللّٰهُمَّ قَبْرَهُ
الْكَرِيْمَ، بِعَرْفٍ شَذِيٍّ مِنْ صَلَاةٍ وَتَسْلِيْمٍ﴾
Bab XVII: … akmalan nâsi …
وَكَانَ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ أَ كْمَلَ النَّاسِ خَلْقًا وَخُلُقًا ذَا ذَاتٍ وَصِفَاتٍ سَنِيَّةٍ.
مَرْبُوعَ الْقَامَةِ أَبْيَضَ اللَّوْنِ مُشْرَبًا بِحُمْرَةٍ وَاسِعَ
الْعَيْنَيْنِ أَكْحَلَهُمَا أَهْدَبَ الْأَشْفَارِ قَدْ مُنِحَ الزَّجَجَ حَاجِبَاهُ.
مُفَلَّجَ الْأَسْنَانِ وَاسِعَ الْفَمِ حَسَنَهُ وَاسِعَ الْجَبِينِ ذَا جَبْهَةٍ
هِلَالِيَّةٍ، سَهْلَ الْخَدَّيْنِ يُرَى فِي أَنْفِهِ بَعْضُ احْدِيْدَابٍ حَسَنَ
الْعِرْنِيْنِ أَقْنَاهُ. بَعِيْدَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ سَبْطَ
الْكَفَّيْنِ ضَخْمَ الْكَرَادِيسِ قَلِيلَ لَحْمِ الْعَقِبِ كَثَّ اللِّحْيَةِ
عَظِيمَ الرَّأْسِ، شَعْرُهُ إِلَى الشَّحْمَةِ الْأُذُنِيَّةِ. وَبَيْنَ
كَتِفَيْهِ خَاتَمُ النُّبُوَّةِ قَدْ عَمَّهُ النُّورُ وَعَلَاهُ. وَعَرَقُهُ
كَاللُّؤْلُؤِ وَعَرْفُهُ أَطْيَبُ مِنَ النَّفَحَاتِ الْمِسْكِيَّةِ.
وَيَتَكَفَّأُ فِي مِشْيَتِهِ كَأَنَّمَا يَنْحَطُّ مِنْ صَبَبٍ نِارْتَقَاهُ.
وَكَانَ يُصَافِحُ الْمُصَافِحَ بِيَدِهِ الشَّرِيفَةِ فَيَجِدُ مِنْهَا سَائِرَ
الْيَوْمِ رَائِحَةً عَبْهَرِيَّةً. وَيَضَعُهَا عَلَى رَأْسِ الصَّبِيِّ،
فَيُعْرَفُ مَسُّهُ لَهُ مِنْ بَيْنِ الصِّبْيَةِ وَيُدْرَاهُ. يَتَلَأْلَأُ
وَجْهُهُ الشَّرِيفُ تَلَأْلُؤَ الْقَمَرِ فِي اللَّيْلَةِ الْبَدْرِيَّةِ،
يَقُولُ نَاعِتُهُ لَمْ أَرَ قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ مِثْلَهُ وَلَا بَشَرٌ
﴿عَطِّرِ اللّٰهُمَّ قَبْرَهُ
الْكَرِيْمَ، بِعَرْفٍ شَذِيٍّ مِنْ صَلَاةٍ وَتَسْلِيْمٍ﴾
Bab XVIII: … syadîdal hayâ’…
وَكَانَ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ شَدِيْدَ الْحَيَاءِ وَالتَّوَاضُعِ يَخْصِفُ نَعْلَهُ وَيَرْقَعُ
ثَوْبَهُ وَيَحْلُبُ شَاتَهُ وَيَسِيْرُ فِيْ خِدْمَةِ أَهْلِهِ بِسِيْرَةٍ
سَرِيَّةٍ. وَيُحِبُّ الْفُقَرَاءَ وَالْمَسَاكِيْنَ وَيَجْلِسُ مَعَهُمْ وَيَعُوْدُ
مَرْضَاهُمْ وَيُشَيِّعُ جَنَائِزَهُمْ وَلَا يَحْقِرُ فَقِيْرًا أَدْقَعَهُ
الْفَقْرُ وَأَشْوَاهُ. وَيَقْبَلُ الْمَعْذِرَةَ وَلَا يُقَابِلُ أَحَدًا بِمَا
يَكْرَهُ وَيَمْشِيْ مَعَ الْأَرْمَلَةِ وَذَوِي الْعُبُوْدِيَّةِ. وَلَا يَهَابُ
الْمُلُوْكَ وَيَغْضَبُ لِلّٰهِ تَعَالَى وَيَرْضَى لِرِضَاهُ. وَيَمْشِيْ خَلْفَ
أَصْحَابِهِ وَيَقُوْلُ خَلُّوْا ظَهْرِيْ لِلْمَلَائِكَةِ الرُّوْحَانِيَّةِ.
وَيَرْكَبُ الْبَعِيْرَ وَالْفَرَسَ وَالْبَغْلَةَ وَحِمَارًا بَعْضُ الْمُلُوْكِ
إِلَيْهِ أَهْدَاهُ. وَيَعْصِبُ عَلَى بَطْنِهِ الْحَجَرَ مِنَ الْجُوْعِ وَقَدْ
أُوْتِيَ مَفَاتِيْحَ الْخَزَائِنِ الْأَرْضِيَّةِ، وَرَاوَدَتْهُ الْجِبَالُ
بِأَنْ تَكُوْنَ لَهُ ذَهَبًا فَأَبَاهُ. وَكَانَ صَلَّى اللّٰهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ يُقِلُّ اللَّغْوَ وَيَبْدَأُ مَنْ لَقِيَهُ بِالسَّلَامِ وَيُطِيْلُ
الصَّلَاةَ وَيَقْصُرُ الْخُطَبَ الْجُمُعِيَّةَ. وَيَتَأَلَّفُ أَهْلَ الشَّرَفِ
وَيُكْرِمُ أَهْلَ الْفَضْلِ وَيَمْزَحُ وَلَا يَقُوْلُ إِلَّا حَقًّا يُحِبُّهُ
اللّٰهُ تَعَالَى وَيَرْضَاهُ. وَهَهُنَا وَقَفَ بِنَا جَوَادُ الْمَقَالِ عَنِ
الطِّرَادِ فِي الْحَلْبَةِ الْبَيَانِيِّةِ، وَبَلَغَ ظَاعِنُ الْإِمْلَاءِ فِيْ
فَدَافِدِ الْإِيْضَاحِ مُنْتَهَاهُ
﴿عَطِّرِ اللّٰهُمَّ قَبْرَهُ
الْكَرِيْمَ، بِعَرْفٍ شَذِيٍّ مِنْ صَلَاةٍ وَتَسْلِيْمٍ﴾
Doa Maulid al-Barzanji
﴿دعاء مولد البرزنجي﴾
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
اَللّٰهُمَّ يَا بَاسِطَ الْيَدَيْنِ بِالْعَطِيَّةِ. يَا مَنْ إِذَا رُفِعَتْ
إِلَيْهِ أَكُفُّ الْعَبْدِ كَفَاه. يَا مَنْ تَنَزَّهَ فِيْ ذَاتِهِ وَصِفَاتِهِ
الْأَحَدِيَّةِ. عَنْ أَنْ يَكُوْنَ لَهُ فِيْهَا نَظَائِرُ وَأَشْبَاهُ. يَا مَنْ
تَفَرَّدَ بِالْبَقَاءِ وَالْقِدَمِ وَالْأَزَلِيَّةِ. يَا مَنْ لَا يُرْجَى
غَيْرُهُ وَلَا يُعَوَّلُ عَلَى سِوَاه. يَا مَنِ اسْتَنَدَ الْأَنَامُ إِلَى
قُدْرَتِهِ الْقَيُّوْمِيَّةِ. وَأَرْشَدَ بِفَضْلِهِ مَنِ اسْتَرْشَدَهُ
وَاسْتَهْدَاهُ. نَسْأَلُكَ اللّٰهُمَّ بِأَنْوَارِكَ الْقُدْسِيَّةِ. الَّتِي
أَزَاحَتْ مِنْ ظُلُمَاتِ الشَّكِّ دُجَاه. وَنَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِشَرَفِ
الذَّاتِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، وَمَنْ هُوَ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ بِصُورَتِهِ
وَأَوَّلُهُمْ بِمَعْنَاه. وَبِأٰلِهِ كَوَاكِبِ أَمْنِ الْبَرِيَّةِ، وَسَفِينَةِ
السَّلَامَةِ وَالنَّجَاةِ. وَبِأَصْحَابِهِ أُوْلِي الْهِدَايَةِ
وَالْأَفْضَلِيَّةِ، اَلَّذِينَ بَذَلُوا نُفُوسَهُم لِلّٰهِ يَبْتَغُونَ فَضْلًا
مِنَ اللّٰهِ. وَبِحَمَلَةِ شَرِيعَتِهِ أُوْلِي الْمَنَاقِبِ وَالْخُصُوصِيَّة.
اَلَّذِينَ اسْتَبْشَرُوا بِنِعْمَةٍ وَفَضْلٍ مِنَ اللّٰهِ. أَنْ تُوَفِّقَنَا
فِي الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَــــالِ لِأِخْلَاصِ النِّيَّةِ، وَتُنْجِحَ لِكُلٍّ
مِنَ الْحَاضِرِينَ مَطْلَبَهُ وَمُنَاهُ. وَتُخَلِّصَنَا مِنْ أَسْرِ
الشَّهَوَاتِ وَالْأَدْوَاءِ الْقَلْبِيَّةِ. وَتُحَقِّقَ لَنَا مِنَ الْآمَالِ
مَا بِكَ ظَنَنَّاهُ. وَتَكْفِيَنَا كُلَّ مُدْلَهِمَّةٍ وَبَلِيَّةٍ، وَلَا
تَجْعَلْنَا مِمَّنْ أَهْوَاهُ هَوَاهُ. وَتُدْنِيَ لَنَا مِنْ حُسْنِ الْيَقِينِ
قُطُوْفًا دَانِيَةً جَنِيَّةً. وَتَمْحُوَ عَنَّا كُلَّ ذَنْبٍ جَنَيْنَاهُ.
وَتَسْتُرَ لِكُلٍّ مِنَّا عَيْبَهُ وَعَجْزَهُ وَحَصْرَهُ وَعِيَّة. وَتُسَهِّلَ
لَنَا مِنْ صَالِحِ الْأَعْمَالِ مَا عَزَّ ذُرَاهُ. وَتَعُمَّ جَمْعَنَا هٰذَا
مِنْ خَزَائِنِ مِنَحِكَ السَّنِيَّةِ. بِرَحْمَةٍ وَمَغْفِرَةٍ وَتُدِيمَ عَمَّنْ
سِوَاكَ غِنَاه. اَللّٰهُمَّ إِنَّكَ جَعَلْتَ لِكُلِّ سَائِلٍ مَقَامًا
وَمَزِيَّةً. وَلِكُلِّ رَاجٍ مَّا أَمَّلَهُ فِيكَ وَرَجَاهُ. وَقَدْ سَأَلْنَاكَ
رَاجِيْنَ مَوَاهِبَكَ اللَّدُنِّيَّةَ. فَحَقِّقْ لَنَا مَا مِنْكَ رَجَوْنَاهُ.
اَللّٰهُمَّ آمِنِ الرَّوْعَاتِ وَأَصْلِحِ الرُّعَاةَ وَالرَّعِيَّةَ. وَأَعْظِمِ
الْأَجْرَ لِمَنْ جَعَلَ هٰذَا الْخَيْرَ فِيْ هٰذَا الْيَوْمِ وَأَجْرَاهُ.
اَللّٰهُمَّ اجْعَلْ هٰذِهِ الْبَلْدَةَ وَسَائِرَ بِلَادِ الْإِسْلَامِ آمِنَهً
رَخِيَّةً. وَاسْقِنَا غَيْثًا يَعُمُّ انْسِيَابُ سَيْبِهِ السَّبْسَبَ
وَرُبَاهُ. وَاغْفِرْ لِنَاسِجِ هٰذِهِ الْبُرُوْدِ الْمُحَبَّرَةِ
الْمَوْلِدِيَّةِ. سَيِّدِنَا جَعْفَرٍ مَنْ إِلَى الْبَرْزَنْجِيِّ نِسْبَتُهُ
وَمُنْتَمَاهُ. وَحَقِّقْ لَهُ الْفَوْزَ بِقُرْبِكَ وَالرَّجَاءَ
وَالْأُمْنِيَّةَ. وَاجْعَلْ مَعَ الْمُقَرَّبِيْنَ مَقِيْلَهُ وَسُكْنَاهُ.
وَاسْتُرْ لَهُ عَيْبَهُ وَعَجْزَهُ وَحَصْرَهُ وَعِيَّه. وَكَاتِبِهَا
وَقَارِئِهَا وَمَنَ أَصَاخَ إِلَيْهَا سَمْعَهُ وَأَصْغَاهُ. اَللّٰهُمَّ وَصَلِّ
وَسَلِّمْ عَلَى أَوَّلِ قَابِلٍ لِلتَّجَلِّي مِنَ الْحَقِيْقَةِ الْكُلِّيَّةِ.
وَعَلَى اٰلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ نَصَرَهُ وَوَالَاهُ. مَاشُنِّفَتِ الْآذَانُ
مِنْ وَصْفِهِ الدُّرِّيِّ بِأَقْرَاطٍ جَوْهَرِيَّةٍ. وَتَحَلَّتْ صُدُوْرُ
الْمَحَافِلِ الْمُنِيْفَةِ بِعُقُوْدِ حُلَاهُ. وَأَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ
التَّسْلِيمِ عَلَى سَيِّدِنَا وَمَوْلَانَا خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ
وَالْمُرْسَلِينَ. وَعَلَى اٰلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ
رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ. وَالْحَمْدُ
لِلّٰهِ رَبِّ الْعَــــــالَمِينَ